حكاية لا تنتهي مع النجدة

الهام سامي حمد- رام الله

صانعة القارب الخشبي بيد ماهرة، وعقل منفتح، جابت به بحار العالم، لكن بوصلته ظلت نحو الوطن الغالي الذي حلمت به منذ ولادتها ولم يغب عن عقلها. من عرف نهاية وعمل معها يدرك معنى العطاء الذي لا يتوقف بإنتهاء النفس، وغياب الجسد، لقد كنتِ القلب النابض فينا.

ما زالت أقلامكِ تنثر الكلمات التي خطتها يداك لتطرح العديد من القضايا لنقاشها على موائد العمل بكل أشكاله. صعب علينا أن نكتب عن رفيقة بصفة الغائب وهي ما زالت تعيش فينا، لأن كلماتك رسمت ملامح وخطط العمل لمن عرفك وعاش وعمل معك. وحتى لمن لم يعرفك، أو يعمل معك، فكلماتك وصلت إليهم مع تشعب مهامك واتساع دورك.

لا يحتاج المرء لأن يعمل معك طويلاً كي يدرك أنك البداية المتجددة في كل مفاصل العمل النسوي والوطني، فعطاؤك الدائم كالسيقان التي تضرب جذورها عميقاً في الأرض. في الميدان، تتعالين على جراحك وتواكبين كل مراحل العمل وخطواته، لا ينفصل الليل عن النهار، ولا تعرفين ساعات محددة للعمل، نقلتِ عملك فصار جزءً من حياة أسرتك التي قاسمتك هموم العمل العام بحب ورغبة عالية، وحملتهم أحياناً أعباءً إضافية، لا تتوقفين أمام أية حدود وهمية أو حقيقية، لكي تصلي إلى تحقيق أهدافنا.

نجحتِ في توريط كل من يعرفك في الهم العام والوطني، ليصبح همّنا الفردي والأسري. ساعدتنا في البحث عن خيوط قد نستطيع أن نصلح بها واقعاً مهترئاً بالياً مكبلاً لنصنع فجراً مختلفاً لنا معاً. يا من نجدت النجدة بأفكارك، وحرصت حرصاً لا مثيل له لنبقى معاً حاملين هموم الوطن ونساءه في كل تجمعاته.

تنجزين العمل وكأنه يخص أحد أفراد أسرتك، لا تحابين ولا تتوانين عن المواجهة الداعمة لضمان دقة العمل حتى في ظل مرضك. فرحت كثيراً لأعداد النساء اللواتي اجتمعن وشعرت بالغبطة لإنجازهن. كنت مدرسة في العمل الوطني الوحدوي العابر للفئوية، لذا كان عطاؤك في العمل العام هو الأبرز، لأنك تؤمنين إيماناً مطلقاً بأن الوطن أكبر من الجميع.

 استطعنا أن نرى الفرح في عينيك في مواقف عديدة، تحققت بها إنجازات عامة، فرحة توازي فرحك لنجاح أفراد أسرتك. لا زلنا نعيش معك وبك وفيك، في كل اللحظات، ففرحك لبناء مركز وافتتاح مدرسة وإنهاء عام دراسي كفيل أن يشعل بسمتك وأنت تتحدثين بتفاصيل لم ندركها في حينه.

 العقل لا يقبل غيابك عنا، رغم إيماننا بأن الموت حقيقة حتمية، لا خيار لنا فيه، لا نجيد الحديث عنك فأنت حاضرة في كل الأوقات.

لتبقى ذكراك خالدة فينا وفي ارض الوطن

 

أمينة سر جمعية النجدة لتنمية المرأة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *