نهاية محمد: إرث من العطاء والالتزام والطاقة المتجددة

سلوى أبوخضرا

رحلت عنا الأخت الحبيبة والمناضلة المثابرة نهاية محمد (أم أمجد)، والمجد والغار يكللها تاركة ورائها إرثاً من العطاء والالتزام والعمل الدؤوب والطاقة المتجددة لتحرير الوطن، والمبادئ الإنسانية التي اعتنقتها لتصبح مدرسة لرفيقاتها وأخواتها، لقد أحبت الأرض أرض فلسطين، وناضلت من أجل تحريرها مؤمنة بالوحدة الوطنية، وبأن الوطن للجميع، وبأن التيارات السياسية المختلفة لا بد أن تتجمع في إطار مؤسسي، وبالتالي كان التنظيم الديمقراطي ومنظمة التحرير هي بوصلتها، فبرزت قدراتها ورجاحة رأيها في موقعها المركزي كعضو في الأمانة العامة للإتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وكعضو قيادي في الجبهة الديمقراطية، وعضو في المجلس الوطني الفلسطيني، مؤمنةً بالنضال والمقاومة بشتى أشكالها الشعبية السلمية والمسلحة ضد الاحتلال، وصولا ًإلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة: دولة العدالة الاجتماعية والمساواة الكاملة بالحقوق والواجبات. وما زلنا نخوض معركة التصدي والصمود أمام المؤامرات التي تُحاك ضد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً. فأهلنا بالمهجر بانتظار العودة، وأسرانا الأبطال بانتظار الحرية، ومنظمة التحرير هي خيمتنا نختلف ونتفق تحت سقفها، ووحدتنا أرضاً وشعباً هي رصيدنا، وإيماننا بحقنا في الاستقلال والحرية وحق العودة هو هدفنا وهكذا نواجه العالم الظالم وسننتصر إن شاء الله.

شكلت تجربتها جزءً من تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية بأكملها، ومن سماتها المعروفة: العطاء الكامل والالتزام من أجل إنجاح المهام التي تولتها على الأصعدة الأسرية والمجتمعية والوطنية والقومية، فكانت ركناً رئيسياً في عائلتها وكذلك في حزبها، وفي الإتحاد العام للمرأة الفلسطينية.

كانت رحمها الله مؤمنةً بالعمل الجماعي، ومؤمنةً بدور الإتحاد العام كممثل شرعي للمرأة الفلسطينية، وكقاعدة أساسية من قواعد منظمة التحرير الفلسطينية وهي إحدى أدوات التحرير، لا بل إن المرأة الفلسطينية من خلال الإتحاد تمثل نصف المجتمع الفلسطيني وترعى النصف الآخر، وبأن المساواة في الحقوق والواجبات هي الوسيلة لجمع الكلمة والتصدي للعدو المغتصب، وللأفكار الرجعية والخلافات الفئوية، وبالتالي فالعمل الجماعي يساهم بتحقيق إقامة الدولة المستقلة دولة الديمقراطية والمساواة حيث يأخذ كل مواطن ومواطنة فرصته بالتطور والتنمية والازدهار.

منذ العودة إلى فلسطين تلازمنا بالعمل اليومي، وتعاطينا مع مكونات الإتحاد العام للمرأة الفلسطينية في الوطن برئاسة القامة العالية والمجاهدة الرمز سميحة خليل وأخواتها المناضلات، اللواتي تحدين المحتل بشجاعة نادرة، ومهدنا مع أخواتنا في المحافظات الشمالية والجنوبية لتشكيل فروع في جميع محافظات الوطن تحضيراً لانتخابات الهيئات الإدارية ومن ثم عقد المؤتمر السادس في الوطن، ولا ننسى في هذا الموضوع شغف وحراك الأخت الرمز أيضاً جميلة صيدم (أم صبري) رحمها الله، وحماس الأخوات أعضاء الأمانة كل في موقعها ومسؤوليتها. كانت تجربة الأخت نهاية متلازمة مع الأخت أم صبري كمسؤولتين للعلاقات الداخلية في الأمانة العامة للإتحاد.

في هذا الإطار فقد تلازمنا في العمل اليومي للتحضير للمؤتمر الخامس للاتحاد عام 2009، واعتمدنا سوياً آلية عقد مؤتمرات الفروع في المحافظات جميعها، وواجهنا بالطبع عقبات كبيرة بسبب سياسات الاحتلال، مثل إقفال الطريق الرئيسي ما بين رام الله والمحافظات الشمالية، الأمر الذي دفعنا للطرق الالتفافية، مروراً بالقرى الفلسطينية الممتدة على التلال الجميلة. كم كنا سعداء بعلاقات التفاهم العميقة فيما بيننا.

في الختام أقول: لروحك الطاهرة الرحمة ولزوجك الشهم أبو أمجد والأحبة تالا ومجد وأمجد ولنا الصبر.

أيتها الأخت الحبيبة: لقد سبقتني إلى دار الخلود أنت والأخوات والصديقات الحبيبات وأقول لكنّ بأن الأجيال الفلسطينية القادمة ستحقق ما ناضلنا من أجله... وسيرفرف علم فلسطين على أسوار القدس وجوامعها وكنائسها وعلى سهول وتلال وشواطئ فلسطين الحبيبة، وإلى أن نلتقي في جنات الخلد إن شاء الله.

رئيسة المجلس الإداري للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *