إلى الشهيدة نهاية محمد.. الرحيبة مثل رحابة عالمٍ مفتوح...
رشيد قويدر- دمشق
أي ذاكرة تعيد النبض إلى رباطة جأش، أي نسيان يندحر في الذاكرة الساخنة، وأنت الرحيبة، مثل رحابة عالمٍ مفتوح، تستنشقين هواء الحزب طفلة في مخيمات الشتات، من أزقتها وأوجاعها المقيمة...
ودودةٌ، مشرقة، رقيقة، قاسية... الماضي المترف استذكاراً وأحلاماً وايديولوجيا. وأي ذاكرةٍ ساخنة طرّية، تبعد النص عن رؤيته الشمولية، والنسيان ليس ذاكرة الروح في الخيالات العطشى..
أم تَعبتِ من الحرب..!، من الشعارات المتكررة كقصيدة.. باتت مملة...، من المغني والكورال، من المنافي والشتات، ومن الغربة في الوطن..، أم تعبت من القصائد وحكمتها المرّة..، وأنزلتها من سماء البلاغة.. سماء "السمع والطاعة"..، من لغة الفخاخ والحياة الميتة، من الإعلام بلا ثقافة، من الرحلات والأسفار المتعبة، أم لا جدوى من الكلام والجدل.. أمام زبد الخوف والجذل، والنهاية عشقاً وتضحية..
هل هذه بسالة رسمناها بمحبتنا، وحين نهلك عشقاً تستدعينا الظلال.. كيف تكون وحيداً وأنت بين الناس..! لكنكَ في العراء الشاسع.. يحملك الحزن إلى الورى..
قلتِ: ــ ستحملكَ الريحُ..
ــ كيف ونحن عبيد مراكب يأخذها شراع الريح.. قضينا الأعمار نفك أغلال العالم.. ونسينا أغلالنا.. أوهمنا أنفسنا في لحظة إيمان بالرقة الحاسمة.. هل شَعَرَ الربابنة بالدوار مثلنا.. هل تتوقف الظنون؟ والحب خيبة الكدح.. والتزام السكون..
ــ إنه الظل وحده.. يرقب الشمعة حتى تذوي.. رأت ما رأت.. وانتهت الأسفار.. هنا الوطن الأبدي، هنا سنحرس الإخضرار، الذي تعزفه أنامل الفجر..
ــ وردٌ على نافذة نهاية..
وردٌ وراء الباب..
وزيتونة غرستها في الأفق تنمو..
نهايةُ التي لا حدّ لها.. ولا نهاية..
* * *
الروح لن تبارحنا يا نهاية
وأنتِ الجريئة كحربٍ عادلة.. الخجولة كأول خطوةٍ للسلام، الواضحة كسنبلة قمح في حصادها، المضيئة كعيون الشفق، الحزينة كدمعة الغسق، السريعة كأنك اللهفة، النورانية كشمعة، الصامتة.. المدوية كانفجار..! كالرجاء.. لحظة الإنبهار.. الساكنة.. المرّة كالدواء، الجميلة كدروب الصباح.. الوفيرة.. كتربة الوطن، البريئة كطفلة، الواجمة.. القلقة كالخريف..، تحدين من زاوية الصوت..
وتفرجين عن أحلامٍ في قائمةِ الانتظار..
ــ نردد معك لفلسطين:
ستتأرجح غابات زيتوننا.. بنسيم العائدين..
سينزل ماء السماء.. ونتلو للقدس صلاة..
نهمس للأحبة.. إن في أقصى الروح زيتونة..
نقطفُ منها مواعيدنا..
ونصلي على الضفّتين..
ــ لوضوحكِ نمضي..
وأنتِ ملبدةٌ بالآهات...
محتشدون بنشيد النايات
* * *
وعلى قبة الخلود يا نهاية..
التي لا حدّ لها... ولا نهاية..
سلامٌ عليك يوم ولدت..
سلامٌ عليك في رحلة العطاء المديد!
سلام عليك في غفوتك الأبدية..
سلامٌ على عالم الروح السرمدية...
كاتب وصحفي فلسطيني مقيم في سوريا