وداعاً نهاية. نهاية محمد: روح فذة لا تعرف الإنكسار

عبلة أبو علبة - عمان

تليق مآثرها بمفردات قصيدة جميلة وملهمة، وهي التي كبرت في رحاب الحركة الوطنية الفلسطينية المجيدة وشقت طريق النضال الصعب في مدرسة اليسار أو "دار الحكمة" العصرية.

نسجت نهاية منظومتها الحياتية ببراعة تتناسب وقدرتها " الفائقة " على جدْل الخيوط الدقيقة بين الخاص والعام، دون أن يفلت أي منها خارج سيطرة القلب الكبير والعقل الحكيم.

انتماؤها الخالص للوطن وقضيته الكبرى هو القاعدة التي بنت عليها سلسلة الانتماءات الاخرى بوعي وصبر وعزيمة لا تلين، مستلهمةً تراثاً كفاحياً خالداً للشعب الفلسطيني والمرأة الفلسطينية:

  • الانتماء الحميم للأهل الذين لم ينقطعوا يوماً عن مساندتها في الصحة والمرض.
  • وللعائلة الصغيرة الرائعة التي كان لكل واحد منها مكانته الخاصة في القلب والوجدان.
  • وللحزب المناضل الذي شكل وعيها السياسي والفكري وصاغ لغة برنامجية رفيعة لدور المرأة في النضال الوطني والإجتماعي.
  • أما عن علاقة الراحلة الكبيرة بقضية المرأة الفلسطينية وإتحادها العام، فتلك قصة حب كربلائية، يعرفها كل من عاصر مراحل بناء وتطور الإتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وفروعه الممتدة إلى مناطق اللجوء القسري، وعلى أرض الوطن الغالي.

ولمن لا يعرف: فقد انصّبت أولوياتها بصورة رئيسية وعلى امتداد سنوات النضال الطويلة على بناء الوضع التنظيمي والداخلي للإتحاد جنباً إلى جنب مع رفيقة دربها المناضلة الراحلة جميلة صيدم، وفي إطار عمل مشترك ومتّسق مع جميع الصديقات والرفيقات والأخوات ممثلات الاتجاهات السياسية المتنوعة في الإتحاد، دون أن تفوتها شاردة أو واردة أثناء متابعتها للأوضاع الداخلية، بما في ذلك الدقة في مراعاة العلاقات السياسية البينية ونسب التمثيل والحرص على توسيع قاعدة الإتحاد.

أما الخلافات السياسية والنقابية الناشئة في سياق العمل اليومي في الإتحاد، فلديها خبرة عميقة بالتعامل معها في حدود الحفاظ على قدسية الوحدة الوطنية، ومناورات في حدود الحنكة تؤدي دائماً للظفر بموقف وطني جامع.

لقد حظيت المناضلة الكبيرة " نهاية محمد " بتقدير ومحبة كبيرين من جميع من عمل معها، ولم يسألها أحد يوماً كيف تقاوم قسوة المرض الذي داهمها في عمر الصبّا، بل كيف راوغته وواصلت طريق النضال بكل مستحقاته وتفاصيله دون كلل أو توقف؟‍

يا للروح الفذة للمرأة الفلسطينية التي لا تعرف الإنكسار.

المسيرة كانت طويلة ومشرفة والمهام الثقيلة التنظيمية الداخلية التي تحملت مسؤوليتها في الجبهة الديمقراطية والإتحاد العام للمرأة الفلسطينية، تستحق عليها علامة الشرف الوطني والإنساني.

اتصّور نهاية الآن وهي في دار الحق، تركض بلهفة للقاء صديقاتها المناضلات والحبيبات اللاتي سبقنها إلى الرحيل: "عصام عبد الهادي وسميحة خليل وجميلة صيدم وسهام سكر ومها نصّار ونهاية الجيوسي وانعام البطل وكليمنص خوري وهناء صيام ".

ثمّ لا تفوت فرصة حتى في الراحة الأبدية، فتمسك ورقة وقلم وتصوغ بروحها المستبشرة رسالة حب خالدة إلى الوطن.

 

الأمين الأول لحزب الشعب الديمقراطي الأردني - حشد

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *