تيسير الزّبري
كانت دائماً في القمة، هكذا هي نهاية محمد. لقد حالت ظروف القمع العربي من التواصل مع البدايات التي شكلت الانطلاق لهذه الفتاة الفلسطينية المناضلة. فصلتني عنها سنوات السجن الطويلة لأعود التقيها في دمشق والجزائر وعمان ورام الله.
كانت شعلةً دائمةً الاتقاد، تنير درب من معها، ومن خلفها في مساحات قصر الصنوبر في الجزائر البلد والرمز كانت المعرفة الأولى لهذه المرأة الفلسطينية الوطنية حتى الأعماق، في انتمائها وفي علاقاتها مع الآخرين من الاتجاهات السياسية المتعددة في ساحة النضال الفلسطيني. مليئةٌ بالثقة في النفس، وفي الأمل بتحقيق الانتصار رغم مرارة الهزائم التي بدأت تلوح في سوادها بعد الاجتياح الإسرائيلي الثاني إلى لبنان وبعد الخروج من بيروت، بكل ما قيل فيه وقيل عنه.
نهاية محمد، هي كتاب من تاريخ الثورة الفلسطينية الحديثة، فقد شهدت مرحلة الانطلاق من قواعد متفرقة في الأغوار إلى إعادة بناء قدراتها المادية في سوريا ولبنان، إلى مرحلة البناء السياسي، والبرنامج المرحلي؛ برنامج حق تقرير المصير وبناء الدولة وإعلان الاستقلال في تشرين ثاني عام 1988 في الجزائر. لم تكن لبنة فقط في عمليات البناء في كل المراحل التي سبقت، لكنها كانت الحصن المدافع عن سلامة الخط السياسي وعن البرنامج الوطني ضد الانحراف والانحرافات التي تماهت مع " الجزارات " المقدمة من " الراعي الامريكي "، وهنا التقينا.
على أرض الوطن أكملنا كلٌ بطريقته، ولكن الطريق الذي رسمته نهاية هو المزيد من العمل بعيداً عن المواقع واستحقاقاتها، والصراعات وتلاوينها. لم تتراجع ولكن اختارت طريقاً للتحرر في قلب مركزه الوطني والاجتماعي؛ طريق العمل في صفوف المرأة الفلسطينية؛ قائدةً ومناضلةً في جمعية النجدة وفي أمانة الإتحاد العام للمرأة الفلسطينية حنى ذوت تلك الشمعة، ونحن جميعاً رجالاً وشباباً ونساءً نستنير بنورك أيتها الشعلة الدائمة ... نهاية.
رئيس مجلس إدارة مركز "حريات"