سهام أبو غزالة- عمان
تفاجأت وبحزن شديد، وخلال اتصالي بصديقة عزيزة أن أعرف أن أختنا المناضلة نهاية قد استسلمت أخيراً في صراعها مع عدوّين، أولهما المرض الذي يفتك بنا جميعاً، ولكن قدرة أختنا نهاية على التحمل والبقاء واقفةً متحديةً هزمت الاستسلام الذي قد يصيب الكثيرين منا في مثل حالها، أما العدو الثاني وهو الاحتلال فقد نذرت نفسها ومنذ نعومة أظافرها على التصدي له، ومحاربته بالفكر الحر المستنير والتوعية لمن حولها بخطورته على قضيتنا المحورية ولم تستسلم بالمعنى الفعلي. فقد عملت وحتى آخر لحظة من حياتها على فضح أساليبه اللاإنسانية في المؤتمرات والمحافل الدولية بهمة ونشاط وأساليب إقناع بالحجج والبراهين مما كان له التأثير الواضح في من توجهت إليهم وسمعوها.
عرفت أختنا المناضلة نهاية في أوائل حياتي النقابية وخلال بدايات وجودي في الإتحاد العام للمرأة الفلسطينية فرع الكويت منتصف السبعينات من القرن الماضي، وذلك من خلال المؤتمرات التي حضرتها والخاصة بعمل الإتحاد، كنت أراها رغم حجمها الصغير امرأة قوية مؤمنة بهدف تسعى إليه بهدوء وقوة لفتت نظري إليها، وجعلتني أعجب بها. ثم التقينا مرات أخرى، بدايتها كانت بمناسبة انتخابات الفرع والتي كان أولها عام ١٩٧٩، ولكونها من المسؤولات عن العلاقات الداخلية في الأمانة العامة، كان عليها الإشراف ومتابعة مسار الانتخابات الخاصة بالفروع.
كانت الانتخابات أداة في وجهها ديمقراطي، ولكن في أساسها معركة كبيرة بين الفصائل لمن يحوز على كراسي أكثر في كل تجمع وطني، وكنت اتفاجأ بكمية الغضب والنقاش الحاد على مواضيع مختلفة لها علاقة بالتنظيمات وكأنها الوحيدة التي تعمل لفلسطين، أكثر بكثير من العمل الفعلي للاتحاد لتحقيق أهدافه. وكنت أغضب عندما أرى كمَ الأمور والتي من المفروض أن تكون واضحة إن كنا نريد المصلحة الوطنية الفلسطينية! ولكن بدأت أرى محاولة فرض أسماء مرشحة للدخول في الهيئة الإدارية ليس لها علاقة بالعمل وليس لديها الوقت لذلك. وكانت هذة الفترات محبطة لدرجة كنت أفكر بترك التطوع رغم إيماني الشديد به، ولكن، كان لحصافة وعقلانية الأخت نهاية الدور الكبير في التدخل وتبني الدفاع عن وجهة نظرنا ولو بشكل جزئي، حيث أن الموج كان في أوجه في تبني مصلحة التنظيم على مصلحة العمل، كان لدورها رحمها الله الأثر العميق في إعادة إيماني وتثبيت وجودي ورغبتي في الأداء الإيجابي.
وبقيت نهاية كما عرفتها في البدء مؤمنة مدافعة عن العمل المنتَج من الجميع، ومن الحامين له والمشجعين لمن يقومون به طول حياتها.
رحمك الله اختنا المناضلة الصادقة المخلصة لقضيتها مدى عمرها. ونقول لك بارك الله في عملك وأنت إن رحلت يا رفيقتنا، فقد ربيت من خلال عملك الجاد من يكمل الطريق ويحمل الراية حتى التحرير والعودة.
مركز التراث الفلسطيني في الأردن