ندى طوير-طولكرم
لست أكتب هنا تابيناً لراحلة عادية، بل حديث قلب ظل لسنوات ينهل من نبع جميل، يساوي بين الكفاح في سبيل الأهداف العظيمة، وسلة لاتنضب من حب عميق للأرض وللناس، قائدة وطنية بارزة، ورائدة من رائدات العمل النسوي الوطني والديمقراطي الفلسطيني، مناضلة عرفتها كل ساحات النضال والكفاح.
نهاية محمد، ظلت طوال العمر سنبلةً للقمح وزوادة خير، شجرةً وارفة الظلال يجد لديها كل أولئك الذين يحثون الخطى على طريق الحرية سبيل ماء على الدرب، يمنع التعب ويزود المناضلين قبيل الوصول بالخبز والحلم، أبداً لم نُفاجأ بموتها، فلقد عاشت العمر على قاعدة الفعل إلى الأمام لا الجلوس على دفة الطريق والانتظار، ومن يرفع رايات الفعل ويمضي سيصل، والعظام يصلون للشمس قبل أن يصل الناس لقبلتهم في الحرية.
رفيقتي نهاية محمد، عشت معها وهي تقاوم على جبهات عدة: جبهة الوطن، وجبهة حرية المرأة، وجبهة المرض اللعين فقاومته ولم تسمح له لحظة أن يثنيها عن القيام بواجبها الوطني والإنساني، ولكننا فجعنا بخسارتنا لها، لأنها كانت القائدة والمعلمة والأخت والرفيقة والصديقة، المناضلة الشرسة والشجاعة، والإنسانة المميزة، التي دفعها انتماؤها الوطني الأصيل، لتقضي حياتها بتفانٍ في النضال دفاعاً عن حقوق شعبنا في الحرية والاستقلال والعودة، ودفعتها إنسانيتها للنضال العنيد ضد القهر والظلم، والدفاع بقوة عن حقوق المرأة في الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، وعن الإنسان الفلسطيني في الحياة الحرة الكريمة، فكان إسهامها بليغاً في النضال الوطني والاجتماعي، ومن موقعها القيادي المتقدم وعبر مشاركتها الميدانية المباشرة في مختلف الساحات والأقاليم والمجالات.
نهاية محمد ليست شهيدة مشروع وطني، بل شهيدة الوطن والحرية والكرامة، الوطن بمعناه الشمولي العظيم، الوطن بناسه وأحلامهم وآمالهم ومخزون كفاحهم الطويل. نهاية محمد، شهيدة النضال الوطني والاجتماعي والإنساني الديمقراطي والتقدمي بامتياز، قامة وطنية شامخة، وفارسة شجاعة، تشهد لها ساحات النضال والكفاح أينما حلت على طريق الرحيل الفلسطيني الطويل نحو الوطن، منها لشعبها الذي أحبت أمثولة جميلة في الكفاح، ومنا لروحها السلام، لذكراها السلام.
رئيسة اتحاد لجان العمل النسائي