انتصار الوزير (أم جهاد)
لا أستطيع أن أقول أن الأخت والرفيقة نهاية محمد قد رحلت عن حياتنا ...
ولكنها الحقيقة الأليمة ... أنها رحلت بسرعة وتركتنا نعيش لوعة فراقها.
ولكن عزاءنا الوحيد أنها رحلت بجسدها الضعيف وبقيت إرادتها القوية... ورؤيتها الثاقبة... وإيمانها المُطلق أن واقعنا الأليم...وعذاباتنا الكبيرة لن يستمرا لأن يوم رحيل الإحتلال الجاثم على صدورنا بات قريباً... ولكن علينا بالصبر والصمود والكفاح، هذه كانت دائماً كلماتك.... مُتفائلة....مؤمنة بحقيقة النصر...
نعم أيتها الأخت.. أيتها الرفيقة كنت المُناضلة والقائدة الميدانية كنت الإنسانة التي آمنت بحقوق شعبنا.. حقنا في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة وعاصمتها القدس. كما آمنت بحقوق المرأة.. فخضت معركة تغيير القوانين، ناديت بالمساواة في الحقوق والواجبات ولم تتخلفي عن المُشاركة في أي أئتلاف كنت تشعرين أنه يعطي المرأة حقها.. أنه ينصفها..
أردت أن يكون مُجتمعنا مجتمعاً حضارياً ديمقراطياً.. يؤمن بالمُساواة بين الجميع وقد كنت سعيدة وفخورة بوثيقة إعلان الإستقلال، عام 1988 في الجزائر، التي حددت ملامح الدولة الفلسطينية ومكانة المرأة فيها، لقد أكدت أنه لا بد من الإعتماد على هذه الوثيقة في صياغة كافة القوانين وكان لك ذلك في وثيقة حقوق المرأة.
سنوات نضالنا المشترك طويلة منذ التقينا في دمشق بعد تشكيل اللجنة التحضيرية لفرع الإتحاد العام للمرأة الفلسطينية في سوريا بحضور الأخ أبو اللطف فاروق القدومي مسؤول دائرة التنظيمات الشعبية، كان ذلك في العام 1968 ومنذ ذلك الحين، إبتدأ مشوارنا المُشترك في إعادة بناء فروع إتحادنا والنضال المُشترك ضد الإحتلال... وبالرغم من إنتماءاتنا التنظيمية إلا أننا كنا نلتقي دائماً ولم يفسد الخلاف بالرأي للود قضية...
كنا نؤمن بدور المرأة الهام في النضال الوطني والكفاح المسلح، نسعى إلى مُشاركة فعالة لها في كل مناحي العمل الثوري، من خلال التنظيم والعمل المُشترك والتوعية والتثقيف والإهتمام بعائلات الشُهداء ... والأسرى والجرحى... وفي صفوف الإتحاد الأولى، مثلنا شعبنا وقضيتنا في كافة المحافل الدولية... ورفعنا إسم فلسطين والمرأة الفلسطينية عالياً، ووضعنا خططاً استراتيجية لربط الإتحاد بأخواتنا اللاجئات والمُشردات في دول الطوق ودول العالم.
ونجحنا في تعزيز هذا الترابط الثوري والإنساني، ولن أنسى موقفك يوم إستشهاد القائد الرمز خليل الوزير رفيق دربي، كنتِ مُبعدة وممنوعة من دخول سوريا ومحرومة من رؤية أطفالك الأعزاء، ولكن يوم الفاجعة سمحت السلطات السورية بدخول جثمان أبو جهاد ومن يرغب في المُشاركة في وداعه... وأسرعت بالحضور إلى دمشق إلى منزل أختك أم جهاد لتقفي إلى جانبها وتشدي أزرها... قبل أن تذهبي إلى بيتك وتري أطفالك.. لن أنسى يا عزيزتي... وضعنا القدر أن نكون على درب التضحية والعطاء.
رحمك الله وأسكنك فسيح جناته، وإلى عائلتك الكريمة، وزوجك أبو أمجد وتالا ومجد وأمجد لكم كل الفخر ... والمحبة والعزاء وسنبقى على الدرب نسير حتى تتحقق أمنيات الغالية نهاية في الوحدة والحرية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
رئيسة الإتحاد العام للمرأة الفلسطينية